السير مع العمالقة 2/2


سنديسو مفنيانا


حرب بيافرا، نيجيريا (6 يوليو 1967 - 15 يناير 1970). تصوير بريا رامراخا / مجموعة صور الحياة / غيتي إيماجز.






الفصل الحادي عشر 
"مصر" 


2/2



 الترحيب بالضيف


في أوائل عام 1973 رحبنا بمزوليسي مابود من بيزانا كضيف، وبقي معنا لستة أشهر تقريبًا. كانت رفقته رائعة؛ شعرت كما لو أن لدينا قريب يعيش معنا. كان مزوليسي معي في فورت هير، لكن تعاطفه مع حركة الوحدة في وقتها كان أكثر من تعاطفه مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. رغم رفضنا حينها في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لـ "سياسيي الكراسي" هؤلاء، كان لدينا احترام لتدريبهم الفكري والأدبي. في الواقع، تمت رعاية عدد من الكوادر الجيدة داخل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في حركة الوحدة. كان مزوليسي في مهمة وافق عليها كبار أعضاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ولم يكن من الصعب فهم السبب. لقد كان سابقًا واحدًا من المعلمين الذين اختاروا مساعدة دول غرب أفريقيا المستقلة حديثًا بدلًا من تدريس تعليم البانتو، وقد خاض "حرب بيافرا" في نيجيريا. بعد مرور بعض الوقت، قرر أنه يرغب في القيام بشيء ما من أجل شعبه وانضم إلى الجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي. بحلول الوقت الذي وصل فيه إلى القاهرة، كان قد تلقى تدريبًا في الاستخبارات في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية). كانت مهمتنا محو أي اتصال مع عملاء رمح الأمة[1].

لقد بقي معنا لستة أشهر دون أن يذهب إلى مكتب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. في نهاية هذه الفترة، احتجنا إلى ترتيب سفره إلى السويد، حيث سيطلب اللجوء السياسي. استعدادًا كان علينا أن "نعالج" جواز سفره منتهي الصلاحية، والذي استخدمه خلال إقامته في غرب أفريقيا. باستخدام مسحة ماهرة من الحبر الخفيف، قمنا بتحويل طابع عام 1968 إلى العام 1988. والآن نحتاج إلى ختم من وزارة الداخلية لتأكيد تمديد صلاحية جواز السفر. الجزء الأول من العملية كان، كما يقولون، "علف دجاج". الجزء الثاني كان أصعب قليلًا. ذهبنا إلى سوق القاهرة العالمي حيث يستطيع "الحرفيون" صناعة شهادات الميلاد والزواج والوفاة بالإضافة إلى طوابع الأعمال. رسمنا الحجم الدقيق وطريقة صياغة الختم وأخذناه إلى أحد الأكشاك. أخبرنا الرجل أنه سيكون جاهزًا في غضون يومين.

في اليوم التالي تلقيت مكالمة لمقابلة السيد دسوقي. كانت المخابرات المصرية تدير شبكة معقدة من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، التهرب منها. طلب مني السيد دسوقي أن "أخبره الحقيقة" بخصوص الختم، لذلك وثقت فيه وطلبت مساعدته. كل ما سأقوله هو أنه في غضون أسبوع، تمكن مزوليسي من السفر إلى ستوكهولم بتأشيرة سياحية. بدا هذا وكأنه تقدم كبير. الآن سيحتاج ببساطة إلى التقدم بطلب للحصول على اللجوء السياسي. لسوء الحظ، لم تكن الأمور بهذه البساطة. عند وصوله، نصحته مجموعة دعم مناهضة الفصل العنصري هناك بضرورة الخروج من السويد والعودة بدون تأشيرة. يبدو أنك لا تستطيع أن تكون سائحًا ولاجئًا في نفس الوقت. في غضون أسبوع عاد ضيفنا إلى القاهرة.

أبلغت السيد دسوقي بما حدث، لكنني أخبرته أنني سأجد راعيًا بديلًا للتذكرة. شعر بالارتياح. ذهبت إلى ممثل جمهورية ألمانيا الديمقراطية في منظمة تضامن الشعوب الأفرو - آسيوية وقام بترتيب تذكرة عودة إلى ستوكهولم. في هذا الوقت رفضت شركات الطيران بيع تذاكر الذهاب فقط باستثناء المقيمين العائدين. طار مزوليسي إلى السويد وتنفسنا الصعداء لأننا أكملنا بنجاح المرحلة الأولى من العملية. تضمنت المرحلة الثانية التسجيل للحصول على شهادة لتأكيد أنه في مهمة دراسية. فعل ذلك على الفور وحصل على منحة دراسية لمدة خمس سنوات. في عام 1978، بعد أن غادرت القاهرة وعملت في مقر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في لوساكا، زامبيا، شرعنا في المرحلة الثالثة من العملية.

يتمتع المابوديون بمعاملة ملكية في مقاطعة بوندولاند في بيزانا. كان والد مزوليسي صديقًا مقربًا لكايسير ماتانزيما، الحاكم الأعلى لأراضي ترانسكاي آنذاك. لكن لسوء الحظ، توفي والده. كانت خطة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أن يلجأ ابن مابود، مزوليسي، إلى مملكة صديق والده بمجرد حصوله على درجته العلمية. لكن في البداية كان عليه أن يصل إلى هناك.

وصل مزوليسي إلى سوازيلاند عبر مابوتو، لكن سيفو ماكانا، الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع وحدة استخبارات حزب المؤتمر الوطني الأفريقي من زامبيا، أرسل رسالة عاجلة تعرب عن القلق من أن من مزوليسي سوف يضطر إلى العبور من سوازيلاند إلى "جمهورية" جنوب أفريقيا وسوف يتم اختطافه بالتأكيد. لذلك كان على مزوليسي العودة إلى مابوتو في انتظار الرحلة التدشينية من مابوتو إلى ماسيرو في ليسوتو. وبهذه الطريقة وصل أخيرًا إلى متھاتھا وأمضى أسبوعًا في قصر عدو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي - كايسير ماتانزيما. ومع ذلك، أقنعت قوات الأمن الجنوب أفريقية ماتانزيما لإرسال مزوليسي إلى قرية والده ودعمه حتى يتمكن من الحصول على وظيفة. جيمس نغكولو، مؤلف كتاب "شرف الخدمة"، أشعرني بالفخر عندما أكد أن مزوليسي، أثناء محاضرته في جامعة ترانسكاي، كان قادرًا على توفير الأموال اللازمة لعملاء رمح الأمة السريين في هذه المنطقة من كيب.


الجوازات والتصاريح والبقشيش


خلال السنوات التي أمضيتها في مصر، سافرت كثيرًا وحضرت مؤتمرات وبعثات في سيراليون وغينيا والعراق وسوريا والأردن وتونس وبرلين الشرقية. تم تسهيل ذلك من خلال حصولي على جواز سفر مصري. تم إبلاغ مختلف الجهات الحكومية حول تحركاتنا لضمان حماية أعضاء منظمات التحرير. على سبيل المثال، قبل السفر، كان من الضروري ختم تصاريح الخروج والعودة في جواز سفرك. كانت المهمة الأكثر إثارة للسخط هي الحصول على تصريح سفر لمغادرة البلاد. وزارة الداخلية كان لديها مبنى ضخم في ميدان التحرير الشهير الآن. تطلب هذا أربعة عشر توقيعًا من مكاتب مختلفة قبل منح الإذن بالسفر.

اتصلت بصديقي السيد دسوقي بشأن هذا الإزعاج. تطلع في وجهي وابتسم ثم قال، "سنديسو، لدينا الكثير من الفقراء ونحاول نشر الفتات. كل ما عليك فعله هو إعطاء العامل في المكتب الأول جنيه مصري واحد وستنتهي مشكلتك. ثم أذهب في اليوم التالي وسيكون تصريحك جاهزًا". أحتاج إلى توضيح أن الوثيقة المصرية عبارة عن جواز مرور يضمن عودتي إلى مصر. ما زلت بحاجة إلى طوابع الخروج والعودة.

بينما كنا في المجر، ساعدني زميل من سيراليون بترتيب جواز سفر سيراليوني لأجلي. دخلت مصر بجواز السفر هذا. كانت المشكلة أنني لا أستطيع تجديده في مصر لأن سيراليون ليس لديها سفارة في القاهرة. لقد سبب جواز سفري الجزائري مشكلة عندما زرت بلدانًا أفريقية أخرى لأنني لم أبدو جزائريًا ولا أتحدث العربية. على الرغم من عدم تمكن أي بلد من إيجاد خطأ في جواز السفر، كان هناك دائمًا همهمة حول سبب عدم حصولي على جواز سفر من أفريقيا جنوب الصحراء. وهكذا تقدمت بطلب للحصول على جواز سفر مصري من خلال الرئاسة وحصلت عليه لحسن الحظ دون أي عوائق. بطريقة ما، لم يثير جواز السفر المصري الدهشة.

كان لدى مصر واحدة من أكثر الشبكات الأمنية تفصيلًا، وربما كانت الأقرب إلى السوفيات، لكنها كانت أكثر تحفظًا. كان من المعروف في الرابطة الأفريقية أن شبكة المعلومات بدأت بمقدمي الرعاية في المجمعات السكنية وامتدت إلى سائقي سيارات الأجرة. إذا كنت تريد من القائم على رعايتك أن يراقب شقتك أثناء غيابك، فإن القليل من البقشيش سيجعله يفعل ذلك بالتأكيد. إذا استأجرت سائق تاكسي منتظم لرحلاتك إلى اجتماعات منظمة تضامن الشعوب الأفرو آسيوية أو إلى المطار، مع القليل من بقشيش تحصل على خدمة جيدة وآمنة. يمكنك أن ترى إلى أي مدى يمكن أن يفيدك البقشيش عند عودتك إلى المطار. كان الحمالون كُثُر في مطار القاهرة. ينزل الأول حقيبتك من سير استلام الحقائب. يأخذها التالي إلى مسؤول الجمارك؛ يأخذها التالي إلى مكتب الهجرة؛ التالي نحو المخرج؛ التالي لسيارة الأجرة. وأخيرًا تدفع لسائق سيارة الأجرة عندما يوصلك إلى وجهتك. يجب على كل الناس في هذه السلسلة الحصول على بقشيش. إذا حاولت قطع هذه السلسلة، فقد "تضيع" أمتعتك فجأة في مكان ما. ومع ذلك، كما قال السيد دسوقي، ليس عليك إنفاق الكثير لضمان سلامة أمتعتك بينما تنشر الفتات في الوقت ذاته.


لقاء العقيد القذافي


في عام 1973، بعد سنوات قليلة من منح الملك الليبي السابق، الملك إدريس، حق اللجوء في مصر، عقد الحاكم الجديد لليبيا، العقيد معمر القذافي، اجتماعًا لحركات التحرير الأفريقية خارج طرابلس. كانت هناك حركات التحرير الأفريقية المعروفة المعترف بها من قبل وكالات الأمم المتحدة، وكذلك مجموعات سرية من دول مستقلة مثل السودان وتشاد وملاوي وغيرها. وتم تمثيل جميع حركات التحرير التي لها مكاتب في الرابطة الأفريقية بالقاهرة. انضم إليّ تثامي سينديلو (جون) من مكتب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الجزائر العاصمة. كان لفيكتور مايكيسو من مؤتمر عموم أفريقيا زميل يرافقه.

كان المكان، خارج طرابلس، عبارة عن سرادق ضخم يستوعب بسهولة ثلاثمائة شخص. كنا جميعًا جالسين على وسائد. ألقى العقيد القذافي، الذي فضل أن يطلق عليه "الأخ القائد بدلًا من الرئيس"، محاضرة لمدة ساعة حول ما تحتاج أفريقيا أن تفعله لتحرير نفسها من القوى الأجنبية. واستشهد ببلدان معينة من غرب وشرق أفريقيا كانت قد حققت بالفعل تحررها لأنها تبنت الفكر والإيمان الصحيحين. ثم قال، مشيرًا إلى جنوب أفريقيا، إنه كان بإمكاننا الحصول على الحرية منذ فترة طويلة إذا نبذنا الأديان الاستعمارية واعتمدنا الدين الحقيقي لأفريقيا - الإسلام.

وفي نهاية المحاضرة تجول الأخ القائد والتقى بالوفود المختلفة. عندما جاء إلى وفدنا، بعد تبادل قصير من المجاملات، ذكرت أننا كنا حريصين على معرفة المزيد حول كيفية تحقيق هدفنا المتمثل في جنوب أفريقيا الحرة من خلال تبني عقيدة دينية محددة. لم يكلف الأخ القائد عناء تقديم الحجج لموقفه. لقد كرر ببساطة أننا كنا مستعبدين عقليًا لمعتقدات أجنبية ولن نكون أحرارًا حتى نرى النور.

كان وفد مؤتمر عموم أفريقيا في مكان قريب. لم يحاول فيكتور اللف والدوران. وصرح بشكل رسمي أن مؤتمر عموم أفريقيا لديه خطط لبناء مساجد في جنوب أفريقيا حتى يتمكن الناس من معرفة الدين الأفريقي الحقيقي. كل ما يحتاجونه هو التمويل لتطوير المشروع. أعطوا فيكتور مظروفًا أبيضًا. علمنا لاحقًا أن عددًا من الوفود التي قالت "الصواب" تمت مكافأتها بمظروف أبيض. نحن، بالطبع، لم نحصل على شيء.

وبهذه المناسبة أطلق العقيد القذافي "الكتاب الأخضر الصغير" الذي حدد فلسفته السياسية. كان القصد من ذلك أن يكون دليلًا للسلوك الشخصي ومبادئ السلوك في المجتمع. تم تصميمه جزئيًا على غرار "الكتاب الأحمر الصغير" للرئيس ماو تسي تونج، والذي شرح للشعب الصيني أيديولوجية الحزب الشيوعي الصيني. لكن "الكتاب الأخضر الصغير" بني على غرار القرآن وكان تربويًا بجمل فلسفية بسيطة.


العمل في منظمة تضامن الشعوب الأفرو آسيوية


ولدت منظمة تضامن الشعوب الأفرو آسيوية (AAPSO) في مؤتمر باندونغ لعام 1955 في إندونيسيا. كان هدفها تنسيق عملية إنهاء الاستعمار في أفريقيا وآسيا من خلال إجراءات ملموسة. علاوة على ذلك، كانت النية أن تبدأ في إنشاء كتلة قوية من البلدان النامية (ما يسمى بحركة عدم الانحياز) لتعزيز التجارة المتبادلة والمساعدة الاقتصادية. عملت منظمة تضامن الشعوب الأفرو آسيوية على مستوى الأحزاب الحاكمة التي نجحت في إخراج بلادها من القيود الاستعمارية إلى الحرية. امتدت الدول الأعضاء من إندونيسيا، عبر الهند الصينية إلى الشرق الأوسط، وشمال وغرب وشرق ووسط أفريقيا. ثلاث بؤر سياسية توحد أعضاء منظمة التضامن: النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ اِستِحكَام السيطرة الاستعمارية الأفريقية في جنوب أفريقيا؛ والمقاومة الباسلة للشعب الفيتنامي ضد الإمبريالية الأمريكية، التي يطلق عليها اسم "الدرك الدولي".

كان هيكل وأسلوب تشغيل منظمة تضامن الشعوب الأفرو آسيوية مختلفين تمامًا عن الاتحاد العالمي للشباب الديمقراطي. ترأس سكرتارية المنظمة السيد يوسف السباعي. كان من فيلق ضباط الجيش المصري الذي نجح في تحرير قناة السويس من الاحتلال البريطاني والفرنسي عام 1956. وهكذا كان لدى منظمة تضامن الشعوب الأفرو آسيوية وصول مباشر إلى أعلى مستويات السلطة في مصر. تم تنفيذ معظم العمل من قبل نائب السيد السباعي، السيد كمال بحر الدين، وكبير الإداريين السيد شوقي. الأمين العام هو السيد نوري الرزاق من العراق. يتمتع بخبرة واسعة كأمين عام سابق للاتحاد الدولي للطلاب (IUS). وكان أعضاء آخرون من الهند وفلسطين وغينيا وجنوب أفريقيا. كان هناك أعضاء منتسبون من الاتحاد السوفياتي (لجنة التضامن السوفياتي) يمثلهم السيد سماندر كالاندروف من جمهورية أوزبكستان السوفيتية الآسيوية، والذي كان جزءًا من الموظفين الدبلوماسيين في السفارة السوفيتية. مُثلت لجنة التضامن في جمهورية ألمانيا الديمقراطية بواسطة السيد ستانغر، وهو أيضًا دبلوماسي في سفارة جمهورية ألمانيا الديمقراطية.

عقدت اجتماعات الأمانة العامة لمنظمة التضامن يوم الجمعة، وترأسها السيد السباعي. دخل الرئيس (الملقب بالرئيس تماشيًا مع الترجمة الفرنسية) إلى الاجتماع بعد جلوس الجميع. وقام بقراءة كل بند من بنود جدول الأعمال مع القرار الذي تم اتخاذه في هذا الشأن. كان حضور الرئيس رسميًا وشرفيًا. بعد قراءة كل بند بالقرار ذي الصلة، كان يقرع المطرقة للإشارة إلى "موافق!" لقد كان الشكل الأكثر فعالية لعقد الاجتماعات التي شهدتها على الإطلاق. ولكن كان هناك جانب آخر لهذه الفعالية: لأن يوم الجمعة في العالم الإسلامي مثل أيام الأحد. كان من المقرر عقد الاجتماعات في الساعة 10 صباحًا وكان لابد أن تنتهي في حوالي الساعة 11 صباحًا لإتاحة الوقت للمسلمين للوصول إلى المسجد قبل الظهر.

نظمت أمانة المنظمة مؤتمرات تضامن حول مواضيع مختلفة في بلدان مختلفة، حوالي اثنين في كل قارة في السنة. تعقد مؤتمرات منظمة تضامن الشعوب الأفرو آسيوية مرة كل أربع سنوات. فيما بين ذلك، كانت هناك وفود إلى الدول الأعضاء إما لجمع معلومات عن التطورات أو لطلب استضافة حدث موجود بالفعل في البرنامج للعام المقبل. لقد شاركت في الوفود التي زارت ليبيريا، حيث التقينا بالرئيس توبمان، وسيراليون، حيث استقبلنا الرئيس سياكا ستيفنز. تزامنت زيارتنا إلى كوناكري في غينيا (سيكو توري) مع زيارة قام بها عيدي أمين. جلست خلفه مباشرة في إحدى تجمعات سيكو توري النارية. كما ذهبت إلى مؤتمرات في العراق وسوريا. في مؤتمرات منظمة التضامن، كان اضطهاد السود في جنوب أفريقيا تحت حكم الفصل العنصري بندًا مهمًا على جدول الأعمال، وكذلك اضطهاد الفلسطينيين من قبل النظام الإسرائيلي في الشرق الأوسط. في ذلك الوقت، كان لإسرائيل لوبي قوي في بعض البلدان الأفريقية، ونتيجة لذلك لم يكن ممثلو منظمة التضامن من هذه الدول على استعداد لإجراء مقارنات بين المعاملة الإسرائيلية للفلسطينيين والظلم الذي يمارسه نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.


حرب أكتوبر 


في 6 أكتوبر 1973 شنت القوات المصرية والسورية هجومًا منسقًا ضد القوات الإسرائيلية في يوم كيبور، أقدس يوم في التقويم اليهودي. بينما انتهى ما يسمى بـ "يوم كيبور" بوقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة في 25 أكتوبر، حقق المصريون نجاحًا كبيرًا في وقت مبكر من الصراع واستعادوا في النهاية بعض الأراضي التي فقدوها خلال "حرب الأيام الستة" عام 1967. كان هذا نصرًا عظيمًا للمصريين الذين ألهموا لزيادة دعمهم لقضية تحرير الفلسطينيين وجنوب أفريقيا. وأذكر أنه بعد الاشتباك مباشرة، سادت حالة أمنية مشددة، مع حظر تجول من الساعة 6 مساءً حتى 6 صباحًا. كان هناك انقطاع للكهرباء في الليل وأطفأت أضواء الشوارع.

في هذا الوقت تقريبًا، توفيت زوجة نائبي ماري، مستسلمة للمرض. وافقت على الذهاب إلى المشرحة للتعرف على جسدها. كان في انتظاري مشهد قاتم. كانت هناك صفوف وصفوف من الجثث المتفحمة، الوجوه السوداء مجهولة الهوية، ملقاة على أرضية المشرحة. كانت الرائحة لا تطاق. كانوا جنود مصريون من الجبهة قتلوا بقنابل نابالم الإسرائيلية. لقد كان تذكيرًا قاسيًا لثمن النصر.


مؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية في عمان


كانت زيارتي الأكثر تميزًا والتي لا تنسى كممثل لمنظمة التضامن إلى مؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية في عمان، الأردن في عام 1973، بعد حرب أكتوبر بوقت قصير. وكان المندوب الفلسطيني في منظمة التضامن قد نقل دعوة من ياسر عرفات إلى أوليفر تامبو. تم تكليفي بنقل رسالة السيد تامبو إلى مؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية، والتي أكدت على القواسم المشتركة بين النضال ضد الفصل العنصري والنضال الفلسطيني ضد القمع الإسرائيلي.

طرت من القاهرة إلى عمان في الأردن ثم سافرت في سيارة لاند روفر برفقة حراسة عسكرية. وصلنا ليلًا وقضينا الليلة في منزل آمن. في الليلة التي سبقت المؤتمر نمت في ما كان واضحًا أنه معسكر لمنظمة التحرير الفلسطينية. في صباح اليوم التالي، شاهدت كوادر مسلحة تحرس المكان. جوهر حرب العصابات في المدن هو استخدام السكان المدنيين كـ "أدغال". كانت الكوادر الفلسطينية ودودة للغاية وعلمتني كيفية تفكيك وتجميع البندقية الآلية المعروفة باسم AK-47. بالنسبة لهم كانت منظمة التحرير الفلسطينية والمؤتمر الوطني الأفريقي رفقاء في السلاح.

بينما كنت أقدر تعقيدات الصراع العربي الإسرائيلي، فوجئت بسماع رفاقي الفلسطينيين أنهم يعتبرون نصف المملكة الأردنية جزءًا من فلسطين (الضفة الغربية). وأكدوا أن أكثر من نصف سكان الأردن هم من الفلسطينيين. بالطبع يود العالم بأسره أن يرى حلًا سلميًا للصراع العربي الإسرائيلي، لكن تاريخهما القديم المتنازع عليه لا يبسط الأمور. بالفعل في عام 1973 كان لا يزال من السابق لأوانه الحديث عن حل الدولتين. أي دولة إسرائيل ودولة فلسطين، تعيشان جنبًا إلى جنب بسلام. أتذكر أحد رفاقي في منظمة التحرير الفلسطينية أخبرني عن فيلم تم إنتاجه في الشرق الأوسط بعنوان جالوت وديفيد، حول القتال التوراتي بين الصبي الإسرائيلي الشاب ديفيد، لاحقًا الملك داود، وجالوت، المحارب العملاق للفلسطينيين. في قصة الكتاب المقدس، قتل داود جالوت بمقلاع ثم قطع رأسه. كان للفيلم العربي نتيجة مختلفة: هزم جالوت ديفيد، لكنه أنقذ حياته.

استمعت في مؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية إلى رسائل تضامن من معظم الدول العربية والمنظمات الفلسطينية الأخرى، بما في ذلك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة عباس، والمعروفة بعمليات اختطاف الطائرات خلال تلك الفترة. أفاد مندوبون شبان بأنهم نشأوا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ولم يعرفوا والديهم. كل ما أرادوه هو محاربة إسرائيل لاستعادة أرضهم وحقهم بالولادة. سنحت لي الفرصة للتحدث مع أحد كبار أعضاء "فتح" حول الدعم المقدم للمنظمات الفلسطينية، وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية، من قبل مختلف الحكومات العربية. كان التخصيص سنويًا ونسبة مئوية معينة من الميزانية الوطنية (من 0.1 إلى 0.5 في المائة). لم ينكر المسؤول الكبير ذلك، لكنه قال: "قد تكون لدينا الموارد، لكنكم أيها الجنوب أفريقيون لديكم ميزة كبيرة علينا. لديكم دولة وأغلبية واضحة في منطقة محددة بوضوح. ما زلنا نكافح لاستعادة أراضينا الشرعية". لقد كان درسًا مهمًا، رفع معنوياتي ومعنويات رفاقي في مقر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي عندما قدمت تقريرًا عن مؤتمر عمان.


1973 مهرجانات الشباب


أقنعت حركة الشباب الأفريقي (PAYM) ومقرها الجزائر العاصمة المنظمات الأعضاء فيها بربط مهرجان الشباب الأفريقي (PAYF) بالمهرجان العالمي العاشر للشباب والطلاب المقرر عقده في يوليو 1973 في برلين الشرقية، جمهورية ألمانيا الديمقراطية (GDR). كان من المقرر أن يعقد مهرجان الشباب الأفريقي في أوائل يوليو في تونس. تم إيجاد رعاة لدعم مهرجان الشباب الأفريقي من خلال تمويل نقل الوفود الأفريقية من تونس إلى شرق برلين والعودة. لقد كان تعاونًا مثيرًا للإعجاب بين حركة الشباب الأفريقي والاتحاد العالمي للشباب الديمقراطي.

تلقيت تعليمات بالانضمام إلى وفد شباب المؤتمر الوطني الأفريقي في تونس والسفر معهم إلى برلين الشرقية. في تونس، أصبحت مساعدًا لأنطوني مونغالو، الذي جاء مع فريق جنوب أفريقيا من مقر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في لوساكا. في برلين، تضاعف عدد وفد جنوب أفريقيا تقريبًا، مدعومًا بمندوبين من لندن وطلابنا في ألمانيا الشرقية والغربية. لاحظت خلال الإجراءات اهتمامًا متزايدًا بقضية مناهضة الفصل العنصري من جانب المشاركين من مختلف البلدان وإحساس قوي بالتضامن مع رفاق جنوب أفريقيا في النضال. كان هذا جزئيًا لأن أوائل السبعينيات قد شهدت تقدمًا مكثفًا في نضال التحرير في أفريقيا البرتغالية، وخاصة في غينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر. بحلول عام 1973، أعلن PAIGC (الاسم البرتغالي المختصر لـ "الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر") الاستقلال، مع بقاء البرتغال رسميًا هناك. كان رفاقنا من حركات التحرير الشقيقة مشغولين بالتحضير للعودة إلى ديارهم وكنا نشعر بالحماس لأجلهم. وكان تركيز المجتمع الدولي يتحول حتمًا إلى الجنوب الأفريقي - زمبابوي، وناميبيا وجنوب أفريقيا.

ساعد المزاج المزدهر بين رفاقنا من أفريقيا البرتغالية على رفع معنويات مناضلينا ومقاتلينا. كانت هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها كوادر من الجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي (25 فردًا) في مهرجان ثقافي دولي. كان من الرائع رؤيتهم يؤدون رقصة الحذاء ورقصة محارب الزولو - إندلامو. لم تكن أزياء إندلامو من جلود الحيوانات التقليدية، لكنها نقلت إحساسًا بالمحاربين عند الهجوم. بالنسبة لرقصة الحذاء، كانوا يرتدون سراويل الجينز والقمصان متعددة الألوان. كانت المرأة الوحيدة في مجموعة الرقص، وتدعى جاكلين، هي نجمة الجذب لأنها أدت الرقصة تمامًا مثل الرجال. بعد وقت قصير من المهرجان، في 25 أبريل 1974، وضع انقلاب عسكري في لشبونة حدًا للنظام القديم. بعد هذا التغيير في المناخ السياسي، انسحبت البرتغال من أفريقيا دون قيد أو شرط. في هذا الوقت تقريبًا، قام المفوض السامي للأمم المتحدة في ناميبيا، شون مكبرايد، بزيارة خاطفة إلى الجمعية الأفريقية في القاهرة. كان قد تقدم بالفعل في العمر، ولكنه كان نشيطًا بشكل لا يصدق. لقد حدد جدولًا زمنيًا لتحرير المناطق الأفريقية المتبقية، وحذرنا من أننا بحاجة لبدء الاستعداد لحكم بلادنا. كما قدم لنا تأكيدات بأن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ستوفر الأموال لإنشاء مرفق تدريب لموظفي الخدمة المدنية النامبيين في المستقبل. كان هذا لضمان التغيير النوعي في المنطقة.


العودة إلى أفريقيا الجنوبية


في غضون بضعة أشهر من الزيارة الميمونة التي قام بها ماكبرايد، في النصف الثاني من عام 1974، سلمت مكتب القاهرة إلى ممثل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الجديد، السيد جوزيف نهلانلا، وعدت للمتابعة في مقر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في لوساكا، زامبيا. تبعتني ريتا ونيكيتا بعد أربعة أشهر. كان طريق العودة إلى جنوب أفريقيا شائكًا، لكن من المؤكد أن القدر أو العناية الإلهية كان لهما دور في القصة الكاملة. بدا الأمر كما لو أنه أتيحت لي فرصة لاكتساب خبرة مفيدة ﻷجل ما كان ينتظرني قرب الوطن. لقد منحتني دراستي في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية المعرفة والفهم العملي لمختلف جوانب النشاط السياسي-الاقتصادي. كان لدي صورة عالمية لما كان يستلزمه بناء وإدارة البلدان التي كانت تحت السيطرة الاستعمارية. علاوة على ذلك، فقد اشتغلت بمهام تعبئة منظمات الشباب الوطنية لدعم أحزابها السياسية والاستعداد للحكم المستقبلي. لقد تفاعلت أيضًا مع الأحزاب السياسية الحاكمة في أفريقيا وآسيا وتعلمت من التحديات الهائلة التي واجهتها في تعبئة الموارد البشرية والمادية الوطنية من أجل التنمية الاقتصادية. يبدو لي أن هذا كله كان جزءًا من تحضيري للعمل والمهام المقبلة. كنت متحمسًا للوصول إلى الوطن الأقرب وتولي دوري الجديد في مقر المؤتمر الوطني الأفريقي. كان لدي شعور بأنه سيكون لدي شيء قيم للمساهمة به في المراحل النهائية من الكفاح من أجل تحرير شعبي وبلدي.




[1] رمح الأمة "uMkhonto we Sizwe"، بمعنى "Spear of the Nation" ؛ مختصر MK هو الجناح المسلح للمؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) ، الذي شارك في تأسيسه نيلسون مانديلا في أعقاب مذبحة شاربفيل. كانت مهمته محاربة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.







*من كتاب سيرة ذاتية لسنديسو مفنيانا بعنوان "السير مع العمالقة".


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن المؤلف

مناضلٌ من أجل التحرير، عضو في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في المنفى، شغل منصب كبير ممثلي حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في مكتب مصر الذي كان مقره الجمعية الأفريقية، وأول سكرتير أسود في البرلمان.








Comments