مقابلة مع مالكوم إكس







بعد فترة قصيرة من مؤتمر منظمة الوحدة الأفريقية، أجريت مقابلة مع مالكوم في القاهرة بواسطة ميلتون هنري، المحامي، عضو مجلس المدينة السابق في بونتياك، ميتشيغان، ورئيس شركة البث والتسجيل الأفروأمريكية في ديترويت. من هذه المقابلة، التي تم بثها في الأصل عبر البرنامج الإذاعي (مجموعة القيادة المتقدمة) في ديترويت، تم أخذ المقتطفات التالية حول المؤتمر:


ميلتون هنري: مرة أخرى، تقدم ميكروفونات برنامجنا الأخ مالكوم إكس، هذه المرة من الجانب الآخر من العالم. من القاهرة، مصر، حيث التقت الدول الأفريقية المستقلة في مواجهة جادة الأسبوع الماضي. ومن الإضافات المهمة إلى المواجهة هنا حضور مالكوم إكس كمندوب أمريكي أسود إلى مؤتمر الشعوب السوداء هنا في أفريقيا. مالكوم، هل لك أن تخبرنا شيئًا حول المؤتمر؟ أَوّلًا وقبل كلّ شيء، نود أن نعرف حول الموافقة على حضورك - كيف سُمح لك كأمريكي بحضور مؤتمر للشعوب الأفريقية؟


مالكوم: في البدء أود أن أشير إلى أننا نجلس هنا على ضفاف النيل، وآخر مرة تحدثت فيها إليكم كنا في هارلم. لا يختلف امتداد ضفاف النيل كثيرًا عن هارلم - نفس الأشخاص، نفس الشعور، نفس النبض. حول حضوري هنا في المؤتمر: أثار الأمر قدرًا كبيرًا من الجدل في البداية، وعلى الأرجح أثار مخاوف القوى الموجودة في أمريكا، لأنهم أدركوا أنه إذا كان هناك أي اتصال وتواصل وتفاهم مباشر واتفاقية عمل تم تطويرها بين 22 مليون أو 30 مليون أفروأمريكي والأفارقة هنا في القارة، لا يوجد شيء يستعصي علينا تحقيقه. عندما وصلت إلى هنا، كان هناك دعاية كبيرة في جميع الصحف حول مجيئي. لقد كان حدثًا تاريخيًا إلى حد ما لأنه لم يبذل أي من الأفروأمريكيين أي جهد في الماضي لمحاولة وضع مشاكلهم في نفس فئة المشاكل الأفريقية، ولم يحاولوا تدويلها. لذلك كان هذا شيءٌ جديد، فريد، وتساءل الجميع عن رد فعل الأفارقة.


صحيح أنه في البداية كانت هناك عقبات في طريقي فيما يتعلق بقبولي في المؤتمر أو الاجتماعات. لكني أفضل عدم ذكر ما حدث بتفاصيل محددة. بفضل الله، تم قبولي كمراقب وتمكنت من تقديم مذكرة لكل رؤساء الدول، والتي قرؤوها وقاموا بتحليلها بدقة. أشارت المذكرة إلى ظروف شعبنا في أمريكا وضرورة القيام بشيء ما، وقلت في المؤتمر أنه يجب على الإعلام العالمي أن يعرف، كما يجب على إعلام الولايات المتحدة أن يعرف، أن إخوتنا الأفارقة هنا قد توحدوا مع مشاكلنا في الولايات المتحدة.


هنري: لقد قرأت (المذكرة) التي قدمتها يا مالكوم .... إنها تتعامل بشكل أساسي مع الانتهاكات التي عانى منها السود الأمريكيين في أمريكا وطالبت باهتمام الدول الأفريقية بهذه المشكلة. الآن، هل لك أن تخبرنا ما إذا تم تمرير هذا بالفعل، وهل خرج أي إجراء من مؤتمر القاهرة فيما يتعلق بالأفروأمريكيين؟


مالكوم: نعم، صدر قرار يعترف بحقيقة أن أمريكا قد أقرت مشروع قانون للحقوق المدنية، لكنه في الوقت نفسه يشير إلى أنه رغم إقرار قانون الحقوق المدنية، فإن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان الأسود في أمريكا لا تزال مستمرة. ودعا القرار - نسيت الصياغة؛ حين قرأت القرار كانت الساعة 2:30 صباحًا، في ظل ظروف عسيرة للغاية؛ لكنني كنت سعيدًا جدًا لقراءته. من حيث الجوهر، أتذكر أنه أدان بشكل صريح العنصرية الموجودة في أمريكا والانتهاكات المستمرة التي عانى منها شعبنا على الرغم من إقرار قانون الحقوق المدنية. لقد كان قرارًا جيدًا للغاية.


هنري: بعبارة أخرى، مثل هذا القرار الصادر عن مؤتمر لأربعة وثلاثين دولة أفريقية يجب أن يجعل الولايات المتحدة تنظر بعين جديدة في أحوال السود في أمريكا؟


مالكوم: حسنًا، يجب أن أقول أن الولايات المتحدة كانت تنظر في أمر الأمريكي الأسود. عندما وصلت إلى هنا قمت بالضغط بشكل كبير. اضطررت إلى الضغط بشكل متعاظم بين بهو فندق هيلتون، بهو فندق شبرد وحتى ردهة "إيزيس"، السفينة التي كانت تؤوي حركة التحرير الإفريقية. كان الضغط ضروريًا لأن الوكالات المختلفة التي تمتلكها الولايات المتحدة في الخارج نجحت في إقناع معظم الأفارقة بأن الأفروأمريكيين لا يرتبطون بأفريقيا بأي شكل، وأنه سيكون من الحماقة أن يشرك الأفريقي نفسه في مشاكل الأفروأمريكيين. وكان بعض القادة الأفارقة يقولون هذا.


لذلك في المذكرة التي قدمتها لهم في المؤتمر أشرت إليهم كرؤساء دول مستقلة ننظر إليهم على أنهم رعاة للشعوب الأفريقية في القارة، ولجميع المنحدرين من أصل أفريقي في الخارج؛ وأن الراعي الصالح يهتم أكثر بالخراف التي ضلت ووقعت في أيدي الذئب الإمبريالي من اهتمامه بالخراف التي لا تزال في المنزل. وأن 22 مليونًا أو 30 مليونًا من الأفروأمريكيين في الولايات المتحدة ما زالوا أفارقة، وأننا نشعر أن رؤساء الدول الأفريقية مسؤولون عنا بقدر ما هم مسؤولون عن الشعوب هنا في القارة. كان هذا تحديًا بالنسبة لهم وأعتقد أن معظمهم يدركون ذلك اليوم، أكثر مما كان الحال قبل المؤتمر.


هنري: أعتقد أنك ستحظى بثناء كبير يا مالكوم، لأنك في الواقع الأمريكي الوحيد المعترف به كمُشارك في المؤتمر، وبالطبع كان لديك الشارة التي تسمح لك بالوصول إلى جميع الغرف وما إلى ذلك. لم يتمتع الأمريكيون هنا بهذا الامتياز، بمن فيهم أنا، لكن كان لديك امتياز التواجد مع الإخوة السود الآخرين. كان لدي شعور بأنه سيكون هناك تغيير كبير في التركيز لأنك هنا، ولأنك قدمت موقفنا - موقف الرجل الأسود في أمريكا - بشكل جيد، بطريقة لا يستطيع أحد غير الأمريكيين القيام بها.


مالكوم: أحد الأشياء التي جعلت معظم الأفارقة يرون ضرورة تدخلهم نيابة عنا هو (معرفتهم) ببعض الحقائق التاريخية منذ عام 1939 فيما يسمى بنهوض الأمريكيين السود .... بسبب الضغط العالمي، الذي أحدثه هتلر، تمكن السود من النهوض أقصى مما كانوا عليه [عام 1939]. بعد تدمير هتلر، كان هناك تهديد من ستالين، لكن الضغط العالمي على أمريكا دائمًا هو الذي مكّن السود من المضي قدمًا. لم تكن المبادرة الداخلية التي طرحها السود في أمريكا، ولم تكن تغييرًا في القلب الأخلاقي للعم سام - لقد كان ضغطًا عالميًا. بمجرد أن يتم إدراك ذلك كحقيقة أساسية، فإن القادة السود الحاليين سيكونون أكثر وعيًا بأن أي مكسب، حتى في شكل رمزي، يحصلون عليه، لا يأتي من أي خير في واشنطن العاصمة، أو من مبادرتهم الخاصة - بل يأتي من الوضع الدولي. وعندما يرون الأمر على هذا النحو، كحقائق أساسية، عندها سيرون ضرورة وضع مشكلتهم على المستوى العالمي، وتدويل النضال الأسود، ودعوة إخوتنا وأخواتنا في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وحتى في بعض الدول الأوروبية، للضغط على حكومة الولايات المتحدة لحل مشاكلنا. كانت هذه الخطوة الأولى فقط ضمن سلسلة من الخطوات التي تفكر فيها منظمة الوحدة الأفريقية الأمريكية لتدويل مشكلة الرجل الأسود، وجعلها لا تقتصر على كونها مشكلة سوداء أو مشكلة أمريكية، بل مشكلة عالمية، مشكلة للبشرية.


هنري: أفكر في منفعة حقيقية أخرى من هذا المؤتمر يا مالكوم. أنت في مكان مفيد للغاية، لأنه يحدث، كما أوضحت قبل دقيقة فقط، أنك تقيم مع جميع مناضلي الحرية من جميع الأجزاء المحررة وغير المحررة من العالم هناك في "إيزيس" - هل هذا اسم السفينة؟


مالكوم: حسنًا، لا أعرف ما إذا كان ينبغي أن أقول هذا، لكن هذا صحيح. تم تخصيص السفينة الجميلة "إيزيس" التي تطفو على نهر النيل لجميع حركات التحرير الموجودة في القارة الأفريقية. قادة هذه الحركات من أماكن مثل أنغولا، مناضلي الحرية من أنغولا؛ مناضلي الحرية من موزمبيق؛ مناضلي الحرية من زامبيا، المعروفة باسم روديسيا الشمالية، والتي هي في طريقها الآن نحو الاستقلال؛ مناضلي الحرية من زيمبابوي، المعروفة في أمريكا باسم روديسيا الجنوبية؛ مناضلي الحرية من جنوب غرب أفريقيا؛ من سوازيلاند؛ باسوتو لاند. وجنوب أفريقيا نفسها - تم إيواء جميع ممثلي هذه المجموعات المختلفة من مناضلي الحرية على هذه السفينة المسماة "إيزيس".


لقد تشرفت للغاية بالسماح لي بالإقامة معهم. منحني الوقت الذي قضيته برفقتهم إحساسًا خالصًا بنبض ثوري حقيقي، كما منحنى فرصة للاستماع إليهم وهم يتحدثون عن الأحوال الوحشية الحقيقية التي يعيشون فيها في هذه المناطق المستعمرة. كما أعطاني فكرة أفضل عن مشكلتنا في أمريكا، وما الذي سيكون ضروريًا لوضع حد للوحشية والمعاناة التي نتعرض لها يوميًا.


هنري: أعتقد أن هذه إحدى مزايا مؤتمر مثل المؤتمر الذي شهدناه للتو. الحقيقة هي أنه من المهم أن يجتمع الناس سويًا لتبادل الأفكار. بصرف النظر عن الخطب والأنشطة التنظيمية التي ترافق التنظيم الرسمي، يبدو، كما أشرت، أن فرصة قادة كل جزء من هذه الأجزاء من العالم للالتقاء تشكل منفعة ثَمِينة للحرية الكاملة. لأنه دون هذا، يشعر القادة غالبًا أنهم يعملون بمفردهم؛ ومعها يمكنهم رؤية الصورة كاملة.


مالكوم: نعم، هذا شيء تعلمته منذ خروجي من حركة المسلمين السود. من الصعب النظر إلى شيء عبر النطاق الضيق للعين التنظيمية بتكرار ورؤيته من منظوره الصحيح. إذا صارت المجموعات المختلفة في أمريكا أقل أنانية وسمحت لممثلين مختلفين من المجموعات بالسفر إلى دول أجنبية، وتوسيع رؤيتهم، والعودة وتثقيف الحركات التي يمثلونها، فلن يؤدي ذلك فقط إلى جعل المجموعات التي يمثلونها أكثر استنارة وأكثر عالمية بالمعنى الدولي، ولكنه سيعطي أيضًا للدول الأفريقية المستقلة في الخارج فهمًا أفضل للمجموعات في الولايات المتحدة، ما يناصِرون، وما يمثِلون.


في رأيي، تم اتباع نهج محدود للغاية، متأخر وشبه صبياني بواسطة المجموعات في الولايات المتحدة، وخاصة المجموعات الدينية. نهج محدود الأفق جدًا. عندما تنتمي إلى مجموعة لا تستطيع العمل مع مجموعة أخرى، تكون هذه المجموعة نفسها أنانية. لم لا تستطيع أي مجموعة، أي مجموعة العمل مع جميع المجموعات الأخرى، إذا كانوا مهتمين حقًا بحل مشاكل السود بشكل جماعي - لا أعتقد أن تلك المجموعات لديها دافع صادق حقًا نحو التوصل إلى حل. منظمة الوحدة الأفريقية، مؤتمر القمة هذا، هما أفضل مثال على ما يمكن تحقيقه عندما يجتمع الناس ولا تكون دوافعهم أنانية.


هنري: نعم، يبدو أنه ليس من الصعب جدًا على السود أن يصلوا إلى اتفاق إذا كانوا مخلصين.


مالكوم: إذا كانوا مخلصين، فمن السهل عليهم أن يصلوا إلى اتفاق.


هنري: ربما سيتم تجاوز هؤلاء القادة الآن مع تقدم اﻷحداث. أنا متحمس بشأن منظمة الوحدة الأفريقية الأمريكية، وأتوقع أنه سيكون هناك بعض الأشياء الملموسة للغاية التي تحدث فيما يتعلق بتلك المنظمة والتي ستجعل ما يسمى بحركة الحقوق المدنية مجرد شيء من الماضي تقريبًا.


مالكوم: حسنًا، أحد الأهداف الرئيسية لمنظمة الوحدة الأفريقية الأمريكية هو الانضمام إلى نضال الحقوق المدنية ورفعها من مستوى الحقوق المدنية إلى مستوى حقوق الإنسان. طالما أن شعبنا يخوض كفاحًا من أجل الحرية ويصفه بأنه حقوق مدنية، فهذا يعني أننا تحت الولاية القضائية المحلية للعم سام باستمرار، ولا يمكن لأي دولة خارجية بذل أي جهد على الإطلاق لمساعدتنا. بمجرد أن نرفع الأمر من مستوى الحقوق المدنية إلى مستوى حقوق الإنسان، تصبح المشكلة دولية. يمكن لجميع أولئك الذين ينتمون إلى الأمم المتحدة أن ينَحازوا لنا تلقائيًا ويساعِدونا في إدانة، أو توجيه الاتهام على الأقل، إلى العم سام بانتهاك حقوق الإنسان الأسود.


هنري: هناك شيء آخر قبل أن نختم لقائنا يا مالكوم. ما رأيك في مدينة القاهرة؟


مالكوم: قد تكون القاهرة أحد أفضل الأمثلة بالنسبة للأفروأمريكيين. أكثر من أي مدينة أخرى في القارة الأفريقية، يبدو سكان القاهرة كالأفروأمريكيين - بمعنى أن لدينا كل السحن، فنحن نصنف في أمريكا من الأكثر سوادًا إلى الأفتح لونًا، وهنا في القاهرة يوجد الشيء ذاته؛ الشيء ذاته في جميع أنحاء مصر. تمتزج جميع الألوان معًا هنا في مجتمع متناغم بحق. كما تعلم، إذا كان يجب على مجموعة أن تعرف كيف تمارس الأُخوة، فهم الأفروأمريكيين وشعب مصر. السود لا يستطيعون الحكم على بعضهم البعض وفقًا للون، لأننا جميعًا ملونون، بجميع الدرجات. وكما أشارت السيدة دو بويز، فإن المشاكل اليوم جسيمة للغاية. لدينا هذا النطاق الواسع من درجات اللون، كما هو الحال في القارة الأفريقية تمامًا، - لدرجة أنه لا يمكنك أن تطلق عليه نضالًا بنيًا أو نضالًا أحمرًا أو نضالًا أسودًا …


هنري: بالمناسبة أخي مالكوم، قبل أن نختم، هل تلقيت أي وعود بدعم أو مساعدة من أي من الدول الأفريقية؟


مالكوم: أوه، نعم، لقد وعد العديد منهم رسميًا بذلك. وحين تبدأ الجلسة التالية للأمم المتحدة، فإنهم سيدعمون ويساندون أي جهد من جانبنا لتقديم مشكلتنا أمام الأمم المتحدة - لجنة حقوق الإنسان. سوف يساعدوننا في طرح المسألة بشكل قانوني. لذلك أنا سعيد جدًا بالنتيجة النهائية لرحلتي.


هنري: إذن فقد كان هذا المؤتمر نجاحًا تمامًا من جميع النواحي؟


مالكوم: لقد كان نجاحًا تمامًا من جميع النواحي، وينبغي علينا أن نغير الاتجاه الكامل لنضالنا في أمريكا من أجل الكرامة الإنسانية وكذلك حقوق الإنسان.


هنري: شكرًا جزيلًا أخي مالكوم.






Comments